lundi 12 mars 2018

لقاء مع رجل البحر الفنان سمير السالمي




لقاء مع رجل البحر 
الفنان سمير السالمي في حديث عن البيئة و البحر
و عن التشكيل و الجمهور


خالد فخار

خلية العمل الفني المشترك



أشكال غريبة معلقة في الهواء، نتوءات سحرية وشبقية، لمسة نورانية تحيلك على الزمن المنسي والمغيّب، حيث تتحول بقايا الأحياء والأشياء إلى علامات ورموز تنبض بالحياة والحركة... تلك هي إيحاءات النظرة الأولى... بعد ذلك يبدأ السؤال: ما هي قوانين هذا العالم الذي يختلط هدوؤه بصخبه، ونوره بظلامه، وانفتاحه بانغلاقه،؟. وكيف تنفلت البقايا لتتحول إلى رموز وعلامات...؟ كيف يحدث كل ذلك الصخب ليتحول إلى هدوء معلن عن الفوضى العارمة التي تكتنف العالم من حولنا ؟ أجوبة كل هذه الأسئلة وأسئلة أخرى يقدّمها الفنان سمير السالمي في اعترافات الرجل الذي أخاف البحر، اعترافات يمتزج فيها التشكيل بالشعر، والمسرح بالقصة..



      تقديـــم

بعد جولة فنية في عدد من الملتقيات التشكيلية الدولية، يعود الفنان سمير السالمي ليقدم لجمهور مدينة الرباط معرضه «أثر»، الذي يتضمن ثلاث مراحل من تجربته في الصباغة والنحت، يقدمها ضمن أسلوب فني يجمع بين البدائية والحداثة، ويوظف تقنيات حفرية خاصة كالخدش، المسح، التضعيف، الحفر، والنحت.

ويختار السالمي أن يكون معرضه هذا مناسبة لدعوة مفتوحة إلى عموم الجمهور والمهتمين، للضغط على جدران قاعة العرض، قصد توسيع فضاء المشاهد وتعزيز الحق المشترك في الفرجة البصرية، وهذا يتماشى تماما مع روح الحركة التشكيلية التي ينتمي إليها الفنان سمير السالمي، حركة التشكيل والجمهور، التي انطلقت من الدعوة إلى توسيع فضاء العرض التشكيلي بالمغرب بتحطيم جدار قاعة العرض وبالانفتاح على الأمكنة العامة، ومنذ سنة 1989، مازال السالمي وفيا إلى توجهه الفني، ولكي نقترب من هذا الفنان الشاب أكثر، تحدّثنا إليه في جلسة حميمة، ليكشف لنا عن عالم يبقى دائما في حاجة إلى كشف.

       إهدار الثروات البشرية أمر غير مقبول

إن المعرض الجديد الذي أقدّمه لجمهور مدينة الرباط تحت اسم «أثر» فرصة بالنسبة لي لكي أقدّم أعمالي التي عرضتها في عدد من الملتقيات الدولية بأوربا، وهو فرصة لكي أعرض داخل وزارة الثقافة، التي قلت بصددها وكررت إنه ينبغي أن تهتم أكثر بالتشكيليين الشباب، لكي يحدث ما نعرفه بيننا، بتشبيب الفريق الوطني التشكيلي، وأن تعتمد المديرية المعنية مقاييس أخرى في اختيار هذا الفريق الوطني، تكون أكثر موضوعية... لأن العمل الفني هو النتيجة النهائية وهو الذي يعرض داخل القاعات، وعلى هذا الأساس ينبغي اتخاذه كمقياس ومعيار... لذلك فاختياري لوزارة الثقافة، لم يكن هكذا وإنما لأقول للمسؤولين إنني موجود، لأنه عندما تلقيت الدعوة للمشاركة في بنيالي البرازيل، لم أجد المساعدة الكافية من وزارة الثقافة، وأنا أقول هنا إن إهدار الثروات البشرية شيء غير معقول ولا يقبله المنطق، لأنه لابد أن يعرف الجميع أنه ليس كل ما لدينا من تشكيليين هو ما يعرف بالفريق الوطني التشكيلي، هذا الفريق لا نقول إنه ليس في المستوى فهناك أسماء تحضر بجدارة واستحقاق، وهناك أسماء لم تغيّر أي شيء في أسلوبها منذ الستينات، ومع ذلك تستمر في الحضور كأسماء بغض النظر عن الأعمال.»

      البدائية والحداثة: عمل متكامل.

في معرضي هذا أقدّم ثلاث مجموعات، وأعمل فيها على آثار كثيرة، آثار الحيوانات والطبيعة، الأوشام والرموز... وهدفي هو أن أجمع في تركيبة واحدة بين ما هو بدائي وما هو حديث، وأظن أنني وصلت إلى هذا الهدف، ففي 1994 حصلت على جائزة الفن الحديث ببروج (بلجيكا)، في المعرض الذي نظمته كل من فرنسا وبلجيكا، وفي نفس السنة فزت بفرنسا بالجائزة الثانية للفن البدائي، وقد فزت بهاتين الجائزتين بنفس الأعمال التي أعرضها هنا بقاعة محمد الفاسي بالرباط.

وقد جاءت هذه الجوائز لتأكيد الهدف الذي أشتغل لأجله، أي الجمع بين ما هو بدائي وحديث. ثم أتجاوز فكرة الإطار، لأنني أعتبر أن العالم كله إطار للوجود الإنساني وأحاول أن أجد إطارات ملائمة وإبداعية، تتماشى مع روح الأشكال المعروضة والتي ليس لها سند (support) بصري، بل تظهر وكأنها معلقة في الهواء.»
    حركة التشكيل والجمهور: مزيد من الجمهور.

- أعتز بانتمائي إلى حركة التشكيل والجمهور، التي دعت إلى هدم جدار قاعة العرض (رمزيا طبعا) وإلى الخروج بالمعرض إلى الناس، بهذه الفكرة نظمنا منذ 1989 معارض عديدة، كان أولها أول معرض بالهواء الطلق بالرباط بإقامة "قيس" بأكدال وبعدها توالت المعارض، حتى أثناء زيارتي لأوربا كنت أعمل بالفكرة ذاتها..

لقد كان هدفنا هو الوصول إلى أكبر عدد من الجمهور، طبعا كنت وزملائي فخار، مجاهد، بلمقدم... نعرف أن التشكيل ليس جماهيريا، ولكننا كنا نسعى لاستقطاب مزيد من الجمهور إضافة إلى أننا دعونا فنانين آخرين للدفاع عن الفكرة والعمل بها.»

ويبقى أن نضيف في الأخير أن السالمي فاز بنصه «الرجل الذي أخاف البحر» في مسابقة القصة القصيرة التي ينظمها اتحاد كتاب المغرب، وذلك سنة 1988، واليوم لم يفقد الفنان صلته بالبحر، بل أصبحت أكثر عمقا، والبحر هنا يتجاوز كل الحدود ليحيلنا على الزمن المنسي والمغيب.



جريدة العلم – الأحد 26 نونبر1995

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire